في إطار حرصه على مواكبة ملفات المرافق العمومية ذات البعد الاستراتيجي، شارك الموفق الإداري لدى رئاسة الجمهورية التونسية في ورشة العمل للندوة المخصصة للنظر في الوضعية الحالية لشركة تونس للطرقات السيارة وآفاق إعادة هيكلتها، وذلك بدعوة من السيد الرئيس المدير العام للشركة.
وقد مثّل مصالح الموفق الإداري في هذه الورشة السيد علي بوعلي، المكلف بالحقوق الاقتصادية والمالية.
أوّلا: تشخيص أولي للوضعية الحالية للشركة
في مداخلة أولى، قدّم ممثل الموفق الإداري قراءة مركّزة للوضعية الراهنة لشركة تونس للطرقات السيارة، انطلاقًا من المعطيات المتاحة والتقارير الرسمية، مبرزًا بالخصوص:
• ثقل المديونية وما يترتب عنه من ضغط متزايد على التوازنات المالية للشركة وعلى الميزانية العامة للدولة.
• الحاجة إلى مزيد توضيح الأدوار بين الدولة كمالك ومنظّم ومموّل من جهة، وبين الشركة كمتعهد باستغلال شبكة الطرقات السيارة من جهة أخرى.
• ضرورة الحفاظ على مستوى مقبول من جودة الخدمة والسلامة المرورية، وعدم جعل صعوبات التمويل مبرّرًا للتقليص في الاعتمادات الموجّهة للصيانة والخدمات الأساسية لفائدة مستعملي الطريق.
كما ذكّر ممثل الموفق الإداري بأنّ حقوق مستعملي الطريق وحقوق المستثمرين يجب أن تظلّ محور أي إصلاح، وأنّ دور الموفق الإداري هو ضمان أن تتمّ المعالجات المالية والقانونية في انسجام مع مبدأي العدالة والشفافية.
ثانيا: رؤية لإعادة الهيكلة عبر ثلاثة محاور أساسية
قدّم ممثل الموفق الإداري رؤية متكاملة لإعادة هيكلة الشركة، تقوم على ثلاثة محاور رئيسية:
1. مراجعة الإطار القانوني والتفكير في كيفية اعتماد النصوص الجديدة
شدَد على أنّ الإصلاح لا يمكن أن يقتصر على الأرقام، بل يجب أن ينطلق من تنقيح وتحيين النصوص القانونية المنظمة لنشاط الطرقات السيارة، بما في ذلك:
• مراجعة القانون والأوامر الترتيبية المنظمة للزمات الطرقات السيارة وضبط تعريفات العبور.
• التفكير جديًا في كيفية اعتماد هذه النصوص الجديدة على أرض الواقع، عبر آليات واضحة للتنفيذ والمتابعة والتقييم الدوري.
• العمل على إرساء حوكمة أفضل، من خلال ضبط أدوار كل المتدخلين، وإدخال مؤشرات أداء ملزمة في مجال السلامة والصيانة وجودة الخدمة.
2. مقاربة مالية جديدة: تدقيق، تنويع مداخيل، وشراكات
أكّد ممثل الموفق الإداري أن أي مسار إصلاح جدي يقتضي:
• الانطلاق من تدقيق مالي شفاف ومستقل لوضعية الشركة خلال السنوات الفارطة، قصد تحديد مصادر العجز، وتوزيع المسؤوليات بين الخيارات الاستثمارية، هيكلة الدين، والتصرف اليومي.
• تنويع مصادر المداخيل وعدم الاقتصار على الجباية على الطرقات السيارة، وذلك من خلال:
– استغلال أفضل لمحطات الخدمات والاستراحة ومناطق الإشهار،
– تثمين ما تتيحه البنية التحتية من إمكانيات إضافية (على غرار مرور الألياف البصرية وخدمات الاتصالات).
• فتح المجال أمام صيغ جديدة من الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص (PPP)، لتمويل المقاطع الجديدة أو بعض الاستثمارات الثقيلة، بما يخفف العبء عن ميزانية الشركة وعن الدين العمومي، مع ضمان دور تعديلي للدولة وحماية للمصلحة العامة.
3. دفع مشروع رقمنة الشركة وتعميم الاستخلاص الآلي
في المحور الثالث، دعا ممثل الموفق الإداري إلى اعتبار التحول الرقمي رافعة أساسية للإصلاح، من خلال:
• التسريع في رقمنة منظومة التسيير والاستخلاص داخل الشركة، واعتماد حلول رقمية موحّدة للتخطيط، الصيانة، واستغلال المعطيات.
• تعميم أنظمة الاستخلاص الآلي والإلكتروني تدريجيًا، بما يساهم في:
– تقليص الفاقد والتسرّب في المداخيل،
– تحسين انسياب حركة المرور وتخفيض زمن الانتظار بالمحطات،
– توفير معطيات أدقّ لاتخاذ القرار في ما يتعلق بالاستثمار والصيانة.
وأكد الموفق الإداري، من خلال ممثله، استعداده لمواصلة المساهمة في هذا المسار الإصلاحي، سواء عبر إبداء الرأي في النصوص القانونية والتنظيمية الجديدة، أو من خلال متابعة تأثير الإصلاحات على المواطن والمستثمر، في إطار صلاحياته في حماية الحقوق الاقتصادية والمالية وتسوية الخلافات مع الإدارة بالطرق الودية.
ويعتبر حضور الموفق الإداري في مثل هذه الفضاءات التشاورية جزءًا من دوره في مرافقة سياسات الإصلاح الكبرى وضمان انسجامها مع مبادئ الشفافية، المساواة أمام المرفق العمومي، وجودة الخدمات المسداة للمواطنين.






